Translator’s preface to Marx at the Margins

Hisham Rouhana

Originally appeared here.

موقع كوة/ د. هشام روحانا /الكرمل

د. هشام روحانا ..الطبيب والمترجم والباحث المهتم بالتحليل النفسي والنسوية والسينما والذي سبق ان ترجم كتابا ثمينا آخر عن مصطلحات لاكان، هو من ترجم هذا الكتاب عن ماركس ..ستبقى الفلسفة كلها مدينة بالكثير لماركس ..هناك فلسفة وهناك ماركس الذي يعود حيا مع كل انعطافة فلسفية .. وهذا الكتاب يعرض لنا ماركس آخر لم نعرفه، سنضيفه الى ما نعرف من ماركس وليس ما يريدوننا ان نعرف عنه ..

يشكل هذا الكتاب (Marx at the margins، Kevin Anderson ) دراسة تاريخية معمقة في نصوص لماركس غير مشهورة وذات أهمية خاصة تتعلق بمواضيع تخص مجتمعات غير غربية او غير أوروبية عديدة، ودفاعا ناجحا في وجه الادعاءات التي بدت وكأنها تسود المشهد الاكاديمي وداخل بعض تيارات ومدارس النقد الثقافي وما بعد الكولونيالي والقائلة بأن ماركس (ومعه إنجلس ايضا) كان في حقيقة الأمر مفكرا اوروبي التمركز (Eurocentric) واقتصادوي (Economistic). والماركسية من وجه النظر هذه تقلل من دور العناصر غير الاقتصادية اي العناصر الثقافية- الحضارية وتختزل مسار التاريخ الى مجرد مسار اقتصادي صرف. وهذه ادعاءات يشترك فيها الفكر اليميني مع مفكرين يأتون من مدارس وتيارت الفكر النقدي المختلفة ويزيد الاخيرون الى هذا بأن الماركسية تفرض رؤية اوروبية على المجتمعات الغير اوروبية وحتى انها تشارك الغرب في نظرته الكولونيالية الى هذه المجتمعات. لقد شارك الراحل الكبير إدوارد سعيد بعض هذه الافكار المسبقة والمتسرعة حول ماركس.

تعتمد هذه الاتهامات بالمركزانية الاوروبية على بعض جمل لماركس وإنجلس مخرجة من سياقها العام الا أنها تركز على الادعاء بأن ماركس نظر الى مسار تطور التاريخ من منظار اوروبي وانه تنبأ بان مجتمعات العالم قاطبة ستمر بنفس مراحل التطور التاريخي الذي مرت به اوروبا، اي في مسار خطي وحيد.

وفي كتابه ذي الفصول الستة ينقض أندرسون هذه الادعاءات ويوضح بأن العكس هو الصحيح؛ ويقدم اندرسون الدلائل بان ماركس كان طلائعيا في نقده للكولونيالية، وبطل قضايا كان اليسار المعاصر له قد تجاهلها ومتقدما صفوف الجميع في حمل لواءاتها. ويُظهر اندرسون أن ماركس (وإنجلس) في كتاباته وفي ممارسته العملية رأى في النضال من أجل الديمقراطية والتحرر الوطني وفي النضال ضد العنصرية والعبودية والمساواة الجندرية، نضالا مشبوكا ومتداخلا مع نضال الطبقة العاملة ومكونا أساسيا في نضالها من أجل التحرر الانساني. ويعتمد فيه المؤلف على نصوص غير معروفة بشكل كاف أو انها لم تنشر بعد أو لم تترجم لماركس. كما ويعتمد على نصوص فرعية لماركس تشكلت من ملاحظاته واقتباساته ومدوناته في دفاتر ملاحظاته على ومن مراجع تاريخية وانثروبولوجية واقتصادية واجتماعية.

ويشكل هذا الكتاب نموذجا ومثالا للعمل الأكاديمي المحكم والدقيق والذي يجب أن يُحتذى. ويكشف لنا الطريقة التي كان يعمل فيها ماركس وعلى مراكمته للمعارف وتدوينه المنهجي للملاحظات والمقتبسات على مدى سنين عمره وسعة اطلاعه على المجتمعات التي درسها وتعدد مصادر ابحاثه، الأمر الذي سيوظفه لاحقا في كتابته، كما ونستطيع التعرف على واحدة من أكبر ميزات ماركس؛ قدرته الهائلة على تدقيق ومراجعة وتصحيح نصوصه.

ويتميز الكتاب من الناحية الاكاديمية بالكم الهائل من الملاحظات والاشارات التي وضعها المؤلف لكل فصل وفصل وتشكل جزءا مهما يجب على القارئ المجد، التوقف عندها والنظر فيها. كما ويتميز بالتواضع العلمي والشفافية، حيث أن المؤلف يشير في العديد من المرات الى من يدين بفكرة ما يقوم هو بتسجيلها هنا.

لم أقم بتسجيل ملاحظاتي على ما لا اتفق فيه مع المؤلف في الكتاب، الا عندما كانت الدقة العلمية تتطلب ذلك فأشرت اليه في ذيل الصفحة وهذا بعد ان كنت قد اعلمت المؤلف بذلك. كما وحاولت قدر الامكان الامتناع عن تذيل النص بالملاحظات الا إذا ما كان الأمر ملزما لناحية توضيح أمر أرى أنه غير معروف للقارئ العربي.
لم يكن إتمام ترجمة هذا الكتاب ممكنا الا لوجودي الى جانب من هي قادرة على منحي سعادة وجودي بقربها- زوجتي ورفيقة دربي، فأرجو الا يكون قد أتى على حساب وجودي قربها.

د. هشام روحانا 
الكرمل

LEAVE A REPLY

Your email address will not be published. Required fields are marked *

0 Comments

FROM THE SAME AUTHOR